أثارت واقعة تفتيش وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ومساعديه قبل لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية في مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
خبراء العلاقات الدولية وممثلو القانون الدولي وخبراء الأمن تباينت رؤاهم، فمنهم من رأى أن تفتيش وزير الخارجية الأمريكي رسالة مصرية للولايات المتحدة أن مصر تغيرت بعد 30 يونيو، قائلين إن التفتيش خطوة أمنية احترازية خصوصًا في ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها مصر الآن.
بينما رأى آخرون أن تلك الواقعة ستهدد العلاقات المصرية الأمريكية، وأن الأعراف الدبلوماسية والقانون الدولي يمنع ذلك.
الدكتور مصطفى السعداوي الخبير القانوني، قال إن الأعراف الدولية تمنع تفتيش أي مسؤول دبلوماسي أو الحقيبة الدبلوماسية، إلا في حالات الضرورة، مشيرًا إلى أن القائم على تفتيش كيري خالف القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.
وأوضح الخبير القانوني في تصريحات ، أن العلاقات الدولية بين إنجلترا والولايات المتحدة توترت عام 1979 في واقعة الكارولين بسبب واقعة تفتيش دبلوماسي أمريكي، قائلًا إن واقعة إنجلترا تشبه ما حدث مع كيري في مصر.
وتابع السعداوي أن تلك الواقعة ستعطي مبررًا للأمريكان بتعامل الدبلوماسيين المصريين بتلك الطريقة، خصوصًا أن تلك الأفعال غير مألوفة بين الدبلوماسيين.
السفير إسماعيل أبو زيد الدبلوماسي الأسبق بالأمم المتحدة ورئيس حزب الخضر، استبعد قيام السلطات المصرية تفتيش جون كيري، مضيفًا أن مصر من أعرق الدول التي تهتم بالبروتوكولات والأعراف الدولية، وبالتالي فمن المستحيل أن تقع مصر في هذا الخطأ.
وتابع الدبلوماسي الأسبق في تصريحات لـ"مصر العربية"، أنه إذا صحت تلك الواقعة فقد تكون نتيجة لحدوث احتكاكات بين حرس كيري والسلطات المصرية، الأمر الذي دعا الحرس المصري إلى تفتيش كيري.
وأوضح أبو زيد أن الهدف من إثارة تلك الأخبار هو نوع من الوقيعة في العلاقات المصرية الأمريكية.
بدوره، قال اللواء جمال أبو ذكري الخبير الأمني، إن تفتيش وزير خارجية الولايات المتحدة أمر طبيعي، مضيفًا أن الأنظمة الدولية تطبق هذا الأمر مع زوارها.
وأوضح الخبير الأمني في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن البابا شنودة أثناء زيارته للولايات المتحدة تم تفتيشه في كل زيارة، قائلًا إن القاعدة تطبق على الجميع، ومصر مثلها مثل أي دولة يجب تطبيق الأعراف الدبلوماسية فيها.
وأشار أبو ذكري إلى أن الرئيس السيسي أراد أن يرسل رسالة قوية إلى العالم عبر جون كيري بعد تفتيشه، أن مصر تنتهج سياسة جديدة في تعاملها مع الدول الأخرى، وعلى الجميع أن يعلم قدر مصر خارجيًا.
ولفت الخبير الأمني، إلى أن الدواعي الأمنية والحالة الراهنة التي تمر بها مصر الآن، تسمح للسلطات المصرية الشك في أي شخص حتى ولو كان وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان ضباط أمن مصريون قاموا بفحص وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وكبار معاونيه، مستخدمين جهازًا محمولًا للكشف عن المعادن لدى وصولهم للاجتماع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأظهرت لقطات صورت في قصر الرئاسة في مصر، تم نشرها عبر المواقع الإلكترونية مسؤولًا مصريًا يرفع جهازًا محمولاً للكشف عن المعادن ويمرره حتى الجزء السفلي من سترة كيري قبل أن يسمح له بالمرور للاجتماع مع السيسي، لبحث سبل وقف المعارك الدائرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والكيان الصهيوني في قطاع غزة منذ أسبوعين.
وظهر كيري لثوانٍ قليلة في اللقطات المصورة كما ظهر كبار معاونيه يمرون من خلال جهاز ثابت للكشف عن المعادن قبل فحصهم بجهاز محمول.