ومن المعروف جيّداً أنّ هناك فوائد معرفيّة للأشخاص المتعدّدي اللغات: وقد تمّت مقارنة التبديل بين لغتين إلى جمباز العقل!
ولكن الآن، تشير البحوث إلى أنّ إتقان لغتين يمكنه أن يغيّر بنية الدماغ، وجعله يعمل بشكلٍ مختلف عن أدمغة أولئك الذين يتحدّثون لغة واحدة فقط.
“ثنائيّي اللغة هي حقّاً نموذج للتحكّم بالقدرة المعرفيّة”، قالت جوديث ف كرول كوارتز- عالمة القدرة المعرفيّة في جامعة ولاية بنسلفانيا- لـكواترز، مشيراً إلى قدرة هؤلاء في لحمل اللغتيْن في دماغهم والتنقّل بينهما بطريقةٍ محترفة في الأوقات المناسبة.
وقد عرضت كرول عملها خلال الإجتماع في الجمعيّة الأمريكيّة لتطوير العلوم، والذي عُقد في واشنطن في منتصف فبراير الماضي.
إذا كنت تتحدّث لغتين و وجدت صعوبة في إختيار اللسان الأنسب في موقفٍ ما، فالسبب في هذا يعود إلى أنّ كلا اللغتيْن هما شغّالتان في دماغك، وذلك بحسب ما توصّلت إليه كرول وعلماء آخرين.
بمعنىً آخر، الدماغ هو في حالة إستيعابٍ دائم للمعلومات باللغتيْن.
الصراع النفسي لاختيار والتبديل بين لغتين، في الواقع يساعد على إعادة تشكيل شبكات الدماغ، وفقاً لكرول.
وقد بحثت الدراسة في أطفال رضّع بعمر أربعة أشهر وثمانية أشهر وسنة، 60 منهم ثنائيّي اللغة و60 يتكلّمون لغة واحدة.
أمّا النتيجة فكانت أنّه كل ما تقدّم الأطفال الثنائيّي اللغة بالعمر كلّما إزداد تركيزهم على أفواه المتحدّثين معهم بدلاً من أعينهم.
فيما الأطفال الذين ينمون ليتعلّموا لغة واحدة، ينظرون لفم المتحدّث معهم بدلاً من عينيْه فقط في حال كان يتكلّم لغة الطفل الأم.
و أضافت جوديث أنّ هذه الدراسة هي مثال عظيم على قدرة تعدّد اللغات لدى الإنسان في تعزيز القدرة المعرفيّة لمتحدّثيها.
و قالت: “الأطفال الذين يستمعون الى لغتيْن خلال نشأتهم يتناغمون بسرعة مع اللغتيْن، فهذا لا يسبّب لهم الإرتباك ولا يعيق تطوّرهم ونموّهم العقلي.
بل العكس صحيح”.
إعادة التشكيل العقلي هذا لا تحصل بنفس الطريقة في جميع الأدمغة المتعدّدة اللغات، بل تختلف من شخصٍ إلى آخر، تماماً كما لكل إنسان خبرته الخاصة مع اللغة.
لكنّ أبحاث كرول توضح أنّه وبالرغم من السلاسة التي نراها لدى متعدّدي اللغات في التنقّل من لغة الى أخرى في الظاهر، إلّا أنّ العمليّة أكثر تعقيداً في الواقع باطنيّا؛ وهذا ما يعتبر نوعاً من الطمأنة لأي شخصٍ يحاول أن يتعلّم لغةً جديدةً.