أخبرتني – بصوتها الذي لا أكاد أسمعه – أنّها صرخت فرحةً بخروج الكلب حتى فقدت قدرتها على الكلام تقريباً، هي التي حرّكت المعدّات الثقيلة لإنقاذ روحٍ صغيرة، أثبتت أنّ للروح قيمةً لايمكن التفريط فيها.
شيماء الجنايني، الفتاة السكندريّة وخرّيجة الحقوق، أخبرتني بصوتها المبحوح، أنّها تنظر للحيوان كروحٍ تستحقّ الحياة، لذا فهي مهتمّة بحقوق الحيوان تماماً مثلما تهتمّ بحقوق الإنسان.
وقد بدأت القصة معها بمعرفتها لقصة الكلب المحتجز بين صخور الشاطئ في منطقة كليوباترا في الإسكندرية، والتي تداولها مستخدمو مواقع التواصل الإجتماعي، لتقرّر فوراً إبلاغ الجهات المختصّة ومحاولة إنقاذه.
فتوجّهت شيماء الخميس الماضي إلى مقرّ قيادة المنطقة الشماليّة العسكريّة، بصحبة صديقها محمد فهمي، لطلب المساعدة في إنقاذ الكلب، و تلقّت ردّاً بأنّه من اختصاص الهيئة الهندسيّة للقوات المسلّحة ومقرّها القاهرة!
لذا، إستغاثت بالمحافظ، لتأخذ إستغاثتها الطريق عبر وسائل التواصل الإجتماعي “السوشيال ميديا”، كما ساعدتهم إحدى المذيعات في التواصل معه.
ثمّ تحدّثت مع اللواء أحمد حجازي- رئيس جهاز حماية الشواطئ، لتقوم هذه الجهات وغيرها بمخاطبة شركة “المقاولون العرب”، التي لم تتردّد لحظةً في التحرّك، حسبما أكّدت شيماء.
“كنا هنلحأ لتاجير ونش خاص على حسابنا لرفع الكتل”: هكذا أكّدت شيماء، مضيفةً أنّ “المقاولون” وفّرت عليهم التكلفة والمجهود، وكلّفت حفّاراً بإزالة الكتل الصخريّة، وأنهى مهمّته خلال يومٍ واحدٍ.
لكنّ الكلب مازال محبوساً بين الصخور، لذا استمرّت شيماء – وعددٌ آخر من المواطنين – في محاولات إخراج الكلب طوال اليوم، ولمدّة يومين متالييْن، حتى الساعة العاشرة والنصف مساء الاثنين الماضي، ثالث يومٍ للمحاولات، لتُتوّج بالنجاح وإخراجه، وتسميته “صخرة”.
ولم تكن شيماء البطل الوحيد في هذه القصة الإنسانيّة، فقد كانت مريم من أوائل المهتمّين بـ”صخرة”، والتزمت بإطعامها منذ اكتشاف احتجازها بين الصخور في نهاية شهر رمضان، كما قرّرت تبنّيها بعد الإنقاذ.
كما و شاركهم المجهود عددٌ من المتطوّعين الذين نظّموا دوريّاتٍ لمتابعة الكلب على مدار الـ24 ساعة طوال فترة محاولات إنقاذه.
و عادت معدّات “المقاولون العرب” لإزالة آثار الحفر وتسوية الشاطئ كما كان، لتضع نهايةً سعيدةً لقصّةٍ لو شاهدناها في السينما لتوجّهنا لها بالنقد الشديد لمبالغتها.
شيماء ورفاقها بالتعاون مع أجهزة الدولة، أعطوا روح “صخرة” الصغيرة فرصةً للحياة لتمثّل نموذجاً للرحمة بالحيوان قلّما نراه، لكنّنا نتمنّى وجوده كثيراً بيننا.